التفكير التقليدي لم يعد مرحب به في هذه الفترة فإذا أردت تحقيق نتائج غير عادية فيجب أن يكون تفكيرك غير عادي ربما يطلق عليه تفكير خارج الصندوق أو حتى خارج حدود المألوف كل هذه المسميات متشابهة ولكن نتائجها تختلف عن التفكير المعتاد .
دعنا نأخذك في رحلة سريعة و بسيطة إلى محافظة البحيرة و تحديدا مركز دمنهور لنشاهد معا إنطلاق أول تجربة للقضاء على ظاهرة نباشين القمامة و المساعدة على وجود مظهر حضاري للمدن و ظهورها بشكل يليق بها .

و نبدأ مع المهندس محمد الحجاوي منسق أول منظومة لجمع القمامة و فرزها و شرائها من المواطنين حسب نوعها , فكرة المشروع ليست فكرة جديدة حيث أنها مرتبطة بطبيعة عملي و هو إدارة مصانع تدوير المخلفات بجميع أنواعها , و هذا الأمر جعلني أتطلع و أقرأ كثيرا أبحاث تخص هذا المجال بجميع جوانبه , و أيضا تطورات و إتجاهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي و الدولة في الفترات الأخيرة حيث أبدوا اهتمامهم في العمل على القضاء على هذه المشكلة و إيجاد حلول غير تقليدية .
و قد شجعنا هذا الأمر و دفعنا كفريق عمل من الشباب أن نبادر في طرح الحلول و تنفيذها في أقرب وقت ممكن و بطبيعة خبرتي و فريق عملي في مجال تدوير المخلفات فقد فضلنا أن نربط بين إعادة التدوير و بين المخلفات التي تستخرج من المصانع و المنازل بمعالجة المشاكل من خلال تخفيف الأعباء عن المصانع من حيث التكلفة , لإن المخلفات حينما نحصل عليها بالطريقة التقليدية تكون متفاعلة مع بعضها البعض بسبب التراكمات و خلافة لفترة و بذلك تنخفض قيمتها بنسبة 50% تقريبا و النسبة الباقية يصعب فصلها بخلاف قيمة التكلفة المرتفعة و جودتها الرديئة .
كل هذا يمثل أعباءا مالية و مشقة في الجهد المبذول و ذلك بالنسبة لمصانع التدوير , و أيضا هناك أعباء على الدولة فهي أيضا تتحمل أعباء كثيرة كوسائل النقل و التجميع و التجميل و الكنس في الشوارع و إستهلاك للسيارات و إهلاكها و صيانتها و عمالة مختلفة , بخلاف أن محافظة مثل محافظة البحيرة بها ثلاث مصانع تدوير للمخلفات في أماكن بعيدة متطرفة و بذلك تكون التكلفة مرتفعة .
و من جانب آخر يقوم المواطنين بسداد رسوم النظافة على إيصال الكهرباء و في المقابل يكون غير راضي عن مستوى الخدمة , فمن هنا جاءت الفكرة و أساسها بدلا من أن تكون عملية التخلص من القمامة مجرد مشكلة و عبء على المواطن و المركز أو المحافظة عملنا على أن تكون وسيلة من وسائل الربح للمواطن و رفع الحمل و مسئولية نظافة المناطق من على المحليات .

و قد أضاف حجاوي بدأنا فكرة المشروع في مدينة دمنهور كمرحلة أولى و خصصنا لها مبدئيا عدد خمسة وحدات تجميع في أماكن متفرقة تم إنشائها على مستوى عالي يتوافق مع توجهات الدولة التي تنادي بها للحفاظ على البيئة , حيث أن وحدات التجميع التي تعمل بالطاقة الشمسية لتشغيل مراوح التهوية و كشافات الإنارة فكل وحدة تحتوي على ثلاث خلايا شمسية للاستعانة بها في أي طاقة يحتاج إليها , أيضا تحتوي الوحدة من الداخل على مصايد للحشرات و عدد من الصناديق و كل صندوق مخصص حسب التصنيف معدة للفرز و مدعوم بوسائل الأمان و الإسعافات و إشتراطات الدفاع المدني فكل العاملين بالوحدات أو المنظومة بصفة عامة يرتدون سيفتي كامل للوصول إلى أكبر نسبة أمان و تأمين لهم من مخاطر العمل , بخلاف تجميل و تعطير الوحدات من الخارج بالزهور و النباتات و الأشجار .
و أضاف أيضا عن سير المنظومة يقول كل أسرة تقوم بفرز مخلفاتها أول بأول و مثال على ذلك مواد الكرتون أو الورق صنف و البلاستيك صنف و المعادن صنف و هكذا و يتم تسليمها لأقرب وحدة تجميع للمواطن , هيث يتم شراء المخلفات بأسعار أعلى من الأسعار المتداولة .
و قد حدد المنظومة نوعين من التعامل , الطريقة الأولى نقدا و هي تسليم المفروزات و الشراء و الحساب يكون في الحال بعد الوزة و الطريقة الثانية و هي الأفضل بأن يتم التعاقد مباشرة بين الأسرة أو العائلة بأكملها من خلال رب الأسرة و بين المنظومة و يتم استخراج فيزا بنكية واحدة للأسرة الواحدة و يتم إضافة نقاط مالية عليها عند تسليم المفروزات حسب الوزن و سعر كل صنف, حيث يمكن من خلال الفيزا سحب مبالغ مالية أو سداد فواتير مياة أو كهرباء أو غير ذلك .

و بهذه الطريقة تكون الفائدة عمت على جميع الأطراف فمصنع التدوير أستفاد كثيرآ لإن المنظومة وفرت رواتب عمال الفرز و المبالغ المسددة للنباشين في حالة شرائها منهم ، والأهم من ذلك أن المخلفات التي تصل لمصانع التدوير بتكون ذات جودة عالية جدآ ، ونكون بذلك وفرنا نسبة كبيرة من المصروفات وفي نفس الوقت الأهالي إستفادت و تحولت أماكن الوحدات التي كانت تعاني من البلطجة ومصدر للقلق و تجمع للنباشين الي أماكن راقية تسعد الاهالي بها .
و قد أبدى الأهالي إهتمامهم بهذا المشروع و العمل على الحفاظ عليه و تقديم الدعم المعنوي الدائم للعاملين و القائمين على إدارة المنظومة .
وأشار الحجاوي بأن المحافظة رحبت جدآ بالفكرة و قدمت كل الدعم حتي ظهر المشروع للنور ، وفي القريب سوف يتم ربط التجميع بالمنظومة و إسناد مسئولية الحفاظ علي نظافة الترع التي يتم تبطينها بالقري والتصدي بإلقاء القمامة بها .
فيما قال المهندس محمد قنديل المتخصص والباحث في مجال السلامة وحماية البيئة ، ان فكرة التخلص من المخلفات والاستفادة منها بطريقة جديدة و مختلفة مثل التي تم تفعيلها مؤخرآ في مركز دمنهور بمحافظة البحيرة من خلال جمع القمامة أو المخلفات وشرائها من الأهالي خطوة جيدة وتنذر بنجاح هذا المشروع وتعميمه علي مستوي محافظة البحيرة كخطوة أولي وعلي مستوي الجمهورية كخطوة ثانية في المستقبل القريب وذلك إذا تضافرت جهود الجهات المعنية مع شركات القطاع الخاص خاصة التي تديرها الشباب دون تعقيدات في الإجراءات بشرط أن تكون مثل هذة المشروعات تحت إشراف متخصصين .

وعن أهمية تعميم مثل هذه المشروعات قال ان مشكلة المخلفات المنزلية والنفايات الصناعية من أكثر المشاكل التي تؤرق مسئول المحليات و المواطن وكان دائمآ يصعب التغلب عليها ولكن في الحقيقة أن مع التقدم العلمي و التكنولوجي أصبح الإستفادة من إعادة تدويرها إستفادة جيدة ومن المشروعات الهامة كما يحدث في دول اخري في عملية تدويرها وإعادة تصنيعها و إستخدامها سواء كانت صناعية أو زراعية أو منزلية وذلك لتقليل تأثير هذة المخلفات و تراكمها علي البيئة حيث يتم عن طريق تصنيف و فصل المخلفات علي أساس المواد الخام الموجودة بها ثم إعادة تصنيع كل مادة علي حده .
و في نهاية رحلتنا الصغيرة نتمنى أنا نكون قدمنا لك عزيزي القارئ أحد الأفكار و المشروعات الجديدة و التي قام بها أحد الشباب لتوفير فرصة دخل إضافي و توفير مظهر حضاري للمجتمع المحيط به .
وإذا صادفت أحد المبادرات أو الأفكار الجديدة يمكنك مراسلتنا بتفاصيلها على صفحتنا لتكون هي رحلتنا القادمة ول نشاركها مع أكبر عدد ممكن من متابعينا .