《معهد ثربانتس الإسباني》…تأسس رسميآ عام 1991 ، إلا أن تاريخ نشاطه الفعلي يعود إلى عام 1931، هو واحد ضمن عدد من مراكز ثقافية أخري منتشرة في كثيرآ من دول العالم ، يعمل به أساتذة متخصصين ومحترفين، ويحتوي على مكتبة تضم مجموعة من الكتب المتخصصة و يعمل على تفعيل الكثير من الأنشطة الثقافية.

《خابيير رويث سييرا》مدير المعهد والملحق الثقافي الاسباني قال، مدينة الإسكندرية تعد بمثابة آله لإنتاج الثقافة علي مر التاريخ، دارت فيها أحداث كثيره جدآ، بها نقط مهمة مضيئة علي مر العصور، خرج منها مجموعة من المفكرين و العلماء و الأدباء لدرجة أنه يوجد بها حركة أدبية سكندرية خالصة، لتكون محط أنظار للفكر العالمي، فالنماذج كثيرة مثل “كفافيس” هذا الشاعر اليوناني الذي خرج من الإسكندرية، فكان له تأثير ثقافي كبير بالمدينة وفي العالم أجمع، وترجمت أعماله الي كل اللغات، فلدينا في اسبانيا 5 ترجمات مختلفة وقيمة جدآ لأهم أعماله، فيكفي أن وجود كيان ثقافي كبير مثل مكتبة الإسكندرية العريقة موجود بها، لتكون منارة للعلم والثقافة والعلوم والمعرفة للعالم أجمع.

مدير ” ثربانتس ” يقول تواجدت بالإسكندرية لإدارة المعهد عام 2006 ، فمنذ أول يوم لي قررت أن أعد تقييم عام للثقافة السكندرية، فأكتشفت أنه يوجد الكثير من الأنشطة الثقافية تقام بشكل دوري وفعاليات مهمة جدآ، من مهرجانات ومؤتمرات، ولاحظت أن بالمدينة مجموعة جيدة من المتاحف والمناطق والبنايات الأثرية، تدعي الإهتمام بها، بخلاف وجود مراكز ثقافية هامة ولها تاريخ مثل دار الاوبرا ومركز الإبداع وقصور الثقافة، ففي المجمل المدينة مؤهله لوجود مشروع ضخم للثقافة العالمية .
وعن بداية عمله وإندماجه في المجال الثقافي يقول، في الأساس دراستي متخصصة فى الآثار، بجانب ذلك معروف لدي دولة أسبانيا بأنني ضمن أحد أهم الفنانين المتخصصين في الفن التصوري، عملت مديرآ لإحدى دور النشر المتخصصة في إصدار مجموعة من الكتب الثقافية، ففي هذة الفترة صدرت الدار أكثر من 1000 كتاب متخصص مابين ثقافة وفن وسينما، أيضآ إعداد مايقرب من 70 فيلم وثائقي ثقافي فني خاص بأسبانيا، أحد أهم هذة الافلام تدور أحداثة عن قصر الحمرا في غرناطة وآخر عن العبادي في اشبيليا، قمت ايضآ بإدارة مجموعة من البرامج الثقافية لدي التليفزيون الاسباني، بخلاف العمل في عدد من الكيانات الثقافية، أيضآ أنشأت متحفين أحدهم في اسبانيا والآخر في اليابان.

وفي عام1991 حينما قامت دولة اسبانيا بتأسيس معهد ثربانتس، دعتني الحكومة الإسبانية بأن أكون ضمن المؤسسين لطرح الأفكار و الرؤى.
فعملت مديرآ لمعهد ثربانتس بدولة لبنان ثم في دمشق ثم في الأردن وروما والبرازيل، بعدها مسئول عن النشاط الثقافي علي أفرع ثربانتس علي مستوي العالم وعددهم 85 فرع علي مستوي العالم، ايضآ أحد أعضاء اللجنة المتخصصة في ترميم الآثار وعمل مشاريع أثرية أسبانية جديدة في دول أخري خارج أسبانيا.

وعن بداية تواجده بمصر قال ، حينما تواجدت بمصر منذ عام 2006 ، علمت وشعرت بأنه كان يوجد بها عظماء كبار في الأدب و في الفن ومن المبدعين في جميع المجالات ، أيضآ بوجود نشاط كبير جدآ في العمل المسرحي الأصيل، إلا أنني لاحظت بأن الأجيال الحالية وربما القادمة تراجعت لديهم روح الإبتكار والحث الثقافي مقارنة بالجيل السابق.
فرأي النقاد الأوروبيين، بأن الحركة الثقافية المصرية، تعتبر حركة محلية، ومن الضروري أن تعمل في المشاركة في الفعاليات الدولية، بإستثناء السينما المصرية، فكانت تشاهد في جميع أنحاء العالم، وأتذكر في أسبانيا و في فترة الثمانينيات كنت أشاهد سلسلة عروض مصرية، و كان نشاط سينمائي جيد يشهد له ،ففي الحقيقة السينما أحد أهم الأدوات التي تساهم في تنمية الدول، فعندما أشاهد فيلم مأخوذ من رواية للأديب نجيب محفوظ ندرك عظمة مصر ونشاهد تفاصيل الشخصية المصرية، لإن مثل تلك الأفلام ليس مجرد قصة ولكنها تجسد واقع، فمن وجهة نظري الشخصية الحركة الثقافية بمصر في شتي المجالات والأنشطة تعتبر علي أعلي مستوي من الإحترافية، فقط مشكلتها مشاركتها المحدودة في المحافل الدولية لتضع نفسها في المستوي الحقيقي الذي تستحقه.

” ثربانتس” يحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب العالمية المتنوعة في عدد من المجالات الثقافية، و يحتوي أيضآ علي مجموعة من الكتب التي تم ترجمتها للعربية، فنساهم في تنشيط الحركة الثقافية داخل مصر، وعلي سبيل المثال كانت هناك مبادرة أطلقها ثربانتس الإسكندرية بالتعاون مع المعهد العالي للفنون المسرحية بالإسكندرية والقاهرة ، واستطعنا أن نقدم مهرجان الميكروتياترو، فالميكروتياترو فكرة اسبانية تتمثل فى مسرحية مصغرة عرضت في اسبانيا وقمنا بعرضها في مصر، فمكان العرض يحتوي على ما يقرب من 9 اماكن فى موقع واحد، وكل مكان يعرض مسرحية مختلفة عن الأخرى في المضمون، إلا أنها تعتبر صالات صغيرة في القوة الاستيعابية التي تقدر بعدد 15فرد، حيث تعرض المسرحية عدة مرات، فمن الممكن إستغلال التذكرة الواحدة للدخول بها عدة مسرحيات في نفس اليوم.

و هذة الفكرة تعتبر أول مرة تطبق في الوطن العربي بل و أفريقيا، فلا ننكر دور الدكتورة نبيلة حسن عميد معهد الفنون المسرحية بالإسكندرية، لدعم هذة الفكرة لتقديمها للجمهور المصري، فهي علي علم و دراية تامة بالحركة المسرحية بأسبانيا، فعملت علي تقديم كل الدعم للنشطاء الثقافيين.
ومن ضمن المبادرات قمنا مؤخرآ بعمل مبادرة بالتعاون مع نادي الكاميرا ، لعقد مسابقة تصويرية بإسم الأندلسيين بالإسكندرية، لأختيار 5 اماكن لهم علاقة بالأندلس، فتم الإعلان عن ثلاث مجانية للفائزين الثلاثة ،فقمنا بإعداد معرض لعرض أفضل الصور التي شاركت في المسابقة.

ايضآ أطلقنا بما يسمي أسابيع الحديقة ، نسبة إلى الأديب ثربانتس ، فهو يعد آخر كتاب له ، وقصته أن مجموعة من الناس الذين هربوا من وباء الطعون ليحتموا في أحد الحدائق ، وعلي هذا القياس قمنا بتطبيق مثل هذة الفكرة ولكنها الهروب من كورونا بثربانتس القاهرة والذي أستمر علي مدار 7 أسابيع، فتناول حفلات أدبية وفنية متنوعة ، فقد لاقي نجاح باهر وقبول لجميع من شارك في هذة الفكرة.
يعمل ثربانتس علي جمع عدد من الكتب الإسبانية المترجمة الي العربية أو الأعمال الأسبانية تقوم المترجمة إلي عربية لتكون مكتبة المعهد مرجع للمثقفين سواء المصريين او الأسبان.

من أهم ما أسعدني في العمل بمصر ، التعرف علي مجموعة من القامات المتميزة من المثقفين و المبدعين الذين يتمتعون بروح التعاون و تبادل الأفكار .
االإسكندرية بها الكثير من الأماكن الأثرية والبنايات العريقة، التي تعد عامل رئيسي لجذب السائحين من خارج مصر، فضروري الحفاظ عليها والعمل علي تعظيم إستغلالها أفضل إستغلال، فدائمآ أدعوا أصدقائي الأسبان بضرورة زيارة مصر ،وأنصحهم بالإسكندرية خاصة فمن لم يأتي إليها كأنه لم يذهب لمصر.